مانشستر سيتي- من مشروع طموح إلى إمبراطورية كرة القدم الإنجليزية

المؤلف: كتب: سلطان الشمري SULTANO_91@10.03.2025
مانشستر سيتي- من مشروع طموح إلى إمبراطورية كرة القدم الإنجليزية

هل بات مانشستر سيتي القوة المهيمنة الجديدة في عالم كرة القدم الإنجليزية؟ وهل أصبح "البعبع" الذي يرهب جميع الأندية، كبيرها وصغيرها، في الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي يعتبره الكثيرون المعيار الأسمى لنجاح أي نادٍ أو مدرب أو لاعب؟ أسئلة جمة واستفسارات عديدة، وآراء متباينة، ولكن عندما نرى نادياً كان بالأمس القريب مجرد فريق متواضع، يشارك كبقية الأندية المتوسطة والصغيرة في الدوري، ولا يشتهر إلا بكونه جاراً لمانشستر يونايتد، يحقق كل هذه الإنجازات الرائعة على مر السنوات الماضية، فإنه يتعين علينا التوقف ملياً والإشادة به كثيراً وتقييم مستقبله بتعمق.

إنه مشروع ضخم انطلق في الأول من سبتمبر عام 2008، عندما قدمت مجموعة أبوظبي المتحدة للاستثمار والتطوير عرضاً مغرياً لشراء النادي مقابل 200 مليون باوند، ذلك النادي الذي لم يكن يمتلك الإرث التاريخي العريق للأندية الكبيرة.. أو بمعنى أدق، كان يمتلك بطولتي دوري متواضعتين في موسمي 1937 و1968، بالإضافة إلى كأس الكؤوس الأوروبية التي حققها في عام 1970.

مشاريع متنوعة، ولاعبون كثر مروا على الفريق.. صعود وهبوط، نجاح وإخفاق، ما بين إعادة بناء شاملة وهيكلة جذريّة للنادي، من حيث تطوير البنية التحتية، والارتقاء بالجوانب الرياضية والإعلامية والتسويقية، وصولاً إلى التعاقد مع أبرز اللاعبين والمدربين على مستوى عالمي، بدءاً من روبيرتو مانشيني مروراً بمانويل بيليغريني، وانتهاءً ببيب غوارديولا في الوقت الحاضر.

بداية القصة كانت في عام 2011، عندما حقق الفريق كأس إنجلترا بفوزه على ستوك سيتي بهدف نظيف سجله النجم يايا توريه تحت قيادة المدرب مانشيني، وتبعه الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2012 بطريقة دراماتيكية في الثواني الأخيرة من المباراة الحاسمة ضد كوينز بارك رينجرز، بفضل هدف الكون أغويرو الأسطوري.

لم تتوقف المسيرة عند مانشيني، بل استمرت بقيادة المدرب التشيلي المحنك مانويل بيليغريني، الذي قاد الفريق للتتويج بثلاث بطولات مهمة، حيث فاز بلقب الدوري مرة واحدة في عام 2014، وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة مرتين في موسمي 2014 و2016.

المرحلة الأولى من التطوير قد انتهت، ولكن كانت هناك رغبة جامحة للبدء بمرحلة أقوى وأكثر طموحاً مع مدرب خبير ومحنّك، يمتلك العبقرية الفذة وكل المقومات اللازمة لبناء فريق لا يُمكن قهره بسهولة، ورغم الانتقادات اللاذعة التي طالت النادي بسبب الإنفاق الهائل على اللاعبين، خاصة على مستوى خط الدفاع، إلا أننا جميعاً ندرك تماماً أن غوارديولا لم يأتِ إلى مانشستر سيتي ليكون مجرد عابر سبيل.

بيب جاء إلى السيتي لإكمال المشروع الطموح والضخم الذي بدأ من القاعدة وصولاً إلى القمة، وذلك من خلال الاهتمام بجميع المراحل السنية للفريق، وغرس العقلية الاحترافية والشخصية القوية لنادٍ بحجم مانشستر سيتي.

تولى بيب زمام الأمور في عام 2016، وكان يدرك تمام الإدراك حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقه، وكثرة المتربصين الذين يراقبون عمله عن كثب، وكم المبالغ المالية المسموح له بإنفاقها، والكثير من التفاصيل الدقيقة الأخرى.

لكن المدرب الإسباني الكاتالوني كان على يقين تام بأنه يحظى بثقة ودعم الملاك الكاملين، حتى ولو خرج الفريق من بطولة دوري أبطال أوروبا على يد أندية مثل موناكو وتوتنهام هوتسبر وأولمبيك ليون وغيرها من الأندية.

هذه الخسائر المتتالية، مقارنة بحجم المصروفات السنوية الضخمة، تثير الكثير من التساؤلات المشروعة، ولكن من ناحية أخرى، يجب الاعتراف بأن بيب غوارديولا حقق 12 بطولة محلية منذ وصوله في عام 2016، فهل هذا إنجاز كبير؟ بالنسبة له، الإجابة هي نعم بكل تأكيد، وكذلك بالنسبة لنادٍ مثل مانشستر سيتي الذي لم يكن يمتلك هذا الرصيد الكبير من البطولات في السابق.

اليوم، عندما نتحدث عن مانشستر سيتي، فإننا نتحدث عن بطل الدوري الإنجليزي الممتاز، وعن النادي الذي سيخوض نهائي دوري أبطال أوروبا المرموق ضد إنتر ميلان في العاشر من يونيو (وذلك للمرة الثانية في تاريخه)، وكذلك عن النادي الذي سيخوض نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي ضد غريمه التقليدي مانشستر يونايتد في الثالث من يونيو.

باختصار، مانشستر سيتي منذ عام 2008 استطاع تحقيق 18 بطولة متنوعة، ليصبح نموذجاً مثالياً وناجحاً بكل المقاييس، ولا ينقصه سوى تحقيق حلم الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا الغالي.

النادي الذي وصل إلى عتبة تحقيق أكثر من 10 بطولات دوري، حيث وصل اليوم إلى الدوري رقم تسعة، وأصبح على أعتاب الدخول إلى قائمة عمالقة الدوري الإنجليزي (مانشستر يونايتد 20 مرة، ليفربول 19 مرة، والأرسنال 13 مرة)، متجاوزاً العديد من الأندية العريقة الأخرى مثل إيفرتون (9 مرات)، وتشيلسي (6 مرات).

إنه النموذج الأفضل والأنصع في السنوات الأخيرة على كافة الأصعدة، إدارياً وتسويقياً وفنياً أيضاً، وخاصة مع وجود المدرب القدير بيب غوارديولا على رأس الجهاز الفني، مع عدم إغفال الدور الهام الذي لعبه المدربان مانشيني وبيليغريني في بداية هذا المشروع الطموح، فالكثير من الدروس والمعايير الحقيقية لمعاني النجاح في كرة القدم يجب دراستها وتحليلها والتعلم منها مع مانشستر سيتي.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة